Monday, October 22, 2007

نظرة للعامية2

وقد ظل ذلك الشكل الحكمي هو المسيطر على العامية حتى بدأ الشكل الثوري أو الكتابة المتلاحقة الأنفاس أو السرد المتدافع كلها أنماط شعرية عملت على إشعال الثورة في النفوس وتنامت مع ظهور عبد الله النديم ذلك الشاعر المتخفي الهارب دائمًا من مكان لآخر والمحرك الروحي للثورة العرابية مع أنه كتب بالفصحى إلا أن شعره اقترب من كل طبقات المجتمع لعله كان يكتب لغة وسطية المهم أنه ألهم الشعراء الحماسة وأخذ الراية من بعده بيرم التونسي الذي يتميز بالنقد البناء و الساخر في ذات الوقت ولكن لم يلتفت في محاولاته التأريخية للمجتمع إلى جماليات القصيدة الممتعة فلم يهتم بتنميق الصورة والبحث عن تجديدها وإعطائها الشكل الجمالي المطلوب لجذب الناس إلى الذائقة الشعرية ومدى الاستمتاع الذي يعتمل النفس عند التّماس مع الصورة المدهشة للعقل والممتعة للنفس ليؤدي الشعر دوره الكوني في تفاعله مع الإنسان ، وهذا ما حاول صلاح جاهين الوصول إليه من خلال رباعياته والتي لا يختلف على حكْميّتها أحد ولا على محاولته المستمرة للوصول بالصورة إلى غاية الكمال وأعتقد أن هذا هو مشروع صلاح الشعري وإن أخره حزنه وانكساره عن إتمامه فالمتابع لشعره مع بداية الثورة يجد فيه بساطة الواقع دون محاولة الدخول إلى أبعاد تأويلية ومع تطوره بدأ الدخول إلى تنظير الكون وكان مدخله هو الرباعيات والتي تسير على نسق واحد ومحدد مثل النسق الكوني وبداخلها محاولة للوصول إلى إجابات عن تساؤلات مطروحة مسبقًا أو محاولة طرح تساؤلات جديدة تتعلق بالحياة والموت :

في يوم صحيت شاعر براحة وصفاالهم زال والحزن راح واختفىخدنى العجب وسألت روحي سؤالأنا مت؟؟ ولا وصلت للفلسفة؟؟عجبي !!!!!
ولكن صلاح مع انكساره بعد تحطيم آماله في الثورة والانكسار للحلم العربي في التجمع والوحدة والوقوف صفًا واحدًا ضد أي مواجهة وصل إلى حالة من تشويش الرؤية لأن المغذي الرئيسي لأحلامه توقف وتعطل فتعطلت معه رؤيته ومشروعه ، أما حداد فقد آثر العودة إلى الروح والتعامل مع الشعر من منطقة الحضرة الشريفة بدلاً من الألغاز والأحجيات التي كان يحاول من خلالها إعطاء الشعر شكلاً متميزًا ومفارقًا لشعر العامية لكن لم يصل للناس إلا الشعر البسيط المعبر عن أحوالهم ولعل الحضرة الشريفة لما فيها من حس صوفي عالي وصوت إيماني قوي وصلت إلى الناس بشكل أعمق لأنها تماست مع الشعور الإيماني المتغلغل في النفس البشرية فالنفس تجنح ناحية الروحي دائمًا وتتعامل معه من منظور شفاف لأنه يخرج بها إلى عالم بعيد وممتع في ذات الوقت ، وهذا هو الشكل الجميل للقصيدة العامية والتي يجب أن يتنبه إليه شعراء العامية في هذا الوقت ، وأنا لا أهدم باقي الأشكال وإنما ألقي الضوء على شكل هام وغير منتشر الآن ، فالقصيدة إذا تعاملت مع إدخال المتلقي في حالة وجدانية عالية سواء من الناحية الدينية بالتعامل مع المقدس المكمل للشخصية أو بالتجاوب مع الموروث الديني في تاريخه وشخصياته بدلاًًً من الموروث الغربي لكان هذا أدعى لاكتمال الشخصية العربية ومجادلتها لقيَّمها المتأصلة في النفس فيما مضى ، أما الآن فقد أضحت هذه القيم في الكتب إذًا القصيدة العامية بما أنها من أفضل الطرق للتواصل بين الشاعر والناس على مختلف مستوياتهم وبين الناس وبعضهم لسهولة تلقي اللغة العامية دون معارف سابقة أو ثقافة لغوية معينة تعد المدخل الطبيعي لتوعية الناس وتفاعلهم مع القصيدة هو تفاعل مع الحياة فهمًا واستمتاعًا وهذا هو المعيار الثاني لشكل القصيدة العامية ، فالوعي بالحياة وما يتوجب علينا فعله اتجاهها للوصول إلى أفضل معيشة مستقرة ومتوازنة مع الكون هو هدف القصيدة دون الدخول إلى معترك التقييم الأخلاقي أو الخطابية بل التأثير الشفاف للشعر بما يفعله في النفس من تأثير قائم على التجلي الشعري لمخاطبة النفس كما قالوا قديمًا ثلاثة قادرون على تفكيك الكون وإعادة تركيبه بشكل مختلف " النبي والفيلسوف والشاعر" وأنا أعتقد أن تجربتي وجيل من الشعراء – ليس كلهم – يحاول التعامل من هذا المنطلق القائم على الجدال مع الموروث لفهمه ومحاولة تنميق القصيدة بأصدائه وقيمه وذلك بسبر أغوار الكون من منظور واعي ومفارق لمن سبقه لاختلاف التجربة خاصة سالم الشهباني في ديوانه شباك على السما ومحاولته تقديم رؤية جديدة للكون
" للكون جهات أربع
إنتي اتجاه خامس"
ولعل ذلك الاختلاف كائن حي يعيش بالشعراء ويتنفس شعرهم لأن منظومة الحياة إبان صلاح وحداد ومن سبقوهم من معايشة الاحتلال الفعلي والقمع والثورة اختلفت الآن من ظهور للعولمة والدنيا التي أصبحت قرية والأحداث المتلاحقة والتغيير في الذوق مما يحتاج رصد آخر ليس المجال له الآن المهم أن ذلك الكائن المختلف الذي يحيا بالشعر الآن من الواجب علينا أن نعطيه غذاءً صحيًا حتى ينمو ويصبح كائن صحي ومهم وظاهر بدلاً من الكائنات الأخرى الناشرة للعدوى فهل من مؤكل .

قصيدة امتحان

امتحان
يا رُبّما
تنده على ذرّات كيانك
تستجيب
أو ربما
تسأل زمانك
لا مُجيب
يا من فَجَرْتُو بعمركو
على وهم في سْرير السنين
المستهيب
"مين معترض؟
مين الملك
لإجابة في شعب السؤال؟"
الطين سأل
الأرض نبت بْيِتْنِبِتْ بالخير
علامة من اليقين عند الإله
والشرّ شرّ الإحتمال
عند البشر
يا من سمعتو الأجوبه
دون انتظاركو للكلام
(فاصل إيقاعى من عند كونشرتو الغياب)
ملك...
كتابه...
قول يا عم:
الحب فرح الحب غمّ
الحب شيء مبنى بعنصر من عناصر
انتصار/ انهزام
الملتقى بينك وبينك
أو
بينها وبين المسألة
هل معنى حبى إنى آجى واعتذر؟
أم إن معنى المعنى إنى آجى لكن ما اعتذرش؟
(فاصل إيقاعى من عند مدرسة الهزايم)
امتحان
ضع معنى كلمة "سور" في جملة من خيالك:
- السور مِسوَّر مهدنا ومهد البلاد
- السور سُوَار حوالين رِقاب كل العباد
- السو سِنان سانّهْ نيابها في انتظار طهو الجياد
- السور مدينة ما تفهموا
فيها بشر
أسواق
مساجد
أرصفه...
لكن مدينه ع الحياد
أكمل مكان نقط الفراغ:
- إنسان مخالف للضباب
يبقى سراب مالْهوش وجود
- فرْد فْ مدينه من نحاس
يبقى قُلِيبُه من صفيح كلهْ سدود
- ملك وجايب جنب عرشه جوز كلاب
يبقى بيشتم حاشيته فْ معنى الوفا
مفيش فراغ ولا فيه نقط
علشان مفيش أصلاً سؤال
"فاصل إيقاعى من عند موّالنا الصميم"
الأوّله
مكتوب علينا الغلب توبه
اتوب آنى
التانِيه
مَقرى ف عينينا التوبه
توبا نى
التالِته
مين تاب يتوب ربه عليه
يا يُمّه
طب وآنى؟

* * *

قصيدة معراج

معراج
الضحك صار عنقود حياه
خارج مابين
الإنبساط والمحزنه
صارت كما الترياق
من غصن نابها المؤلمه
آه يا شواشى الانضحاك
أو يا شواشى المحزنه
(الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةْ)
لأ يا جموع المذهولين
(الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةْ)
عرج الرسول للمنتهى
كان عام حزين
لكن مشيئة ربّنا
شائت تضحّك له الأمين
عرج الرسول للمنتهى
شاف م الكاسات خمرهْ.. لبن.. مَيّه.. غريق
اشرب يا صافي بصفوتك
شِرِب الهداية من اللبن
إلاّ شويه اتملعنوا
فضلوا ف أواخر قعر كوبك... أمتك
-عرج الرسول للمنتهى-
كان اللبن خير أمتك يا يعرُبى
- أشرب يا ربى اللي فضل؟
- جفت صحاف الحبر عما كان إذا
أو لم يكُن
(مَا كَانَ كَيْفَ يَكُونُ كَان)
شِلْنا القلم
وقت انفتاح شبّاك أواخر قعر كوبك...
... أمتك
هبّت عليهم ريح بوار
الأرض بارت
والعقول اتصهدت
والدم فاير زيت فنار
نوّر موانى فرْجتك
نوّر وعلِّى في المبانى
والمشايد للهروب
نوّر بُكا...
من طعم مُرّ الحزن
علقم في القلوب
نوّر موانى فرْجتك
بُكره الرواسى الشامخات
هاتشوف فنارك تِسْتبى
- يا مجتبى –
يا من صعود الروح إليك
محض انهزام الجسم بس
أنا مش نبى
أنا مش نبى
* * *

قصيدة عمري

ماشيين
ولإن الدنيا ما بتدّيش
محتاج ضحكة
ولإن الناس بتموت في اليوم
مرة و...
... مرة
مرّة
لَمّا الحمل يزيد حواليك
مرة
لما صورتها تيجى في إيديك
ولإنك لو صبّيت البحر ف إيدك
مش هاينوبك
إلا مكان ما هتاخد إيدك
فانا معرفش
ليه كل ما اشوفك أنا باعطش
بتخطّى سراب منقوش في كتاب
الحبر سنينه بتعوى
ف صحرا الروح
فنروح
ونلاقى الناس مش ناس
أطياف بتّدور من لحم ودم
مهجورة الكلمة ف حلق الهَمّ
لا هى راضية تعود للقلب تجرّح
ولا راضية تعدّى الحلق تسمّ
وانا ماعرفش
ليه كل ما اشوفك أنا باعطش
واحشانى يا بِنت
التلج النور والنار
وحشانى يا بِتّ
البحر بعيد غدّار
آخر جلاليبى بافردها
وعاملها شراع
عريان لاجلك
هابقى العمر بطوله
والبرد معلّم فوق تفاصيلى
كل حكاوى الشتا والناس
كداب مين قال الشتا إحساس
كداب مين قال الشتا ونّاس
الشتا بيزق الليل النايم
جوه أحضان الدمعة الماشية لحد البيت
الشتا بيصحى طابور الحزن
التايه جوه ملامحى
ما عارف إمتى الفرح ها يجرى
يروح ع الغيط
فيزرع جوه عيونك
شكل الكلمة الناقصة ما بينى
وبين حبّيت
وانا ماعرفش
ليه كل ما اشوفك أنا باعطش
مع إنى شربت كتير
من نبع دموعى السارى
جوّه وريدى كما التعاويذ
فأبعتر دمّى
وارْقينى
وألملم كلمة
"واحشاني"
واعملها حجاب
فتْدارى الولع المدّارى
ما بينى وبين كلمة
"واحشاك"
واحشانى يا بت
البحر بعيد
هانساك
مشتاق لى ياواد
الهمّ قريب
باهواك
وأخيرًا في الآخر شُفت
ليه كل ما اشوفك
أنا باعطش
* * *

نظرة للعامية متواضعة

يعد شعر العامية واحد من أجلّ الفنون وأكثرها انتشارًا بين الأوساط الأدبية بداية من تطوره من فن الموشحات حتى وصوله إلى تلك المرتبة العالية التي يتمتع بها اليوم مما يدعونا للتوقف أمام هذا الفن المعبر عن الصدى الشعبي لمحاولة سبر أغواره واستكشاف المتعة فيه . إن أول ما نلحظه في شعر العامية هو التطور المتلاحق الأنفاس ، منذ نشوء الموشحات الأندلسية وفن الزجل عن طريق الشعراء الجوالين في الأندلس وهم طائفة من الشعراء كانوا يطوفون على الملوك والأمراء يستجدون منهم بترديد الأبيات الشعرية التي يحفظونها وأغلب الظن أن شعر العامية تطور من هذه الطائفة لانتشارها واختلاطها بالعامة مما بهرهم بالموشحات وبالنظام النسقي واللحني الخاص بها وبتكوينها السهل والمميز في الوقت ذاته من أغصان وأسماط وأوزان اختلفت عن شعر العرب لاختلاف البيئة والثقافة مما أدى لاختلاف الرؤية الشعرية ومحاولة وضعها في نمط مختلف يستسيغه الناس فبدأ العامة يتمثلوا الموشحات لكن بلغة عامية وإن كانت تقترب من الفصحى في باديء الأمر لعدم وجود هوة بين الفصحى والعامية في ذلك الوقت ومع انتشار العامية مع الوقت بدأت تأخذ شكل المربعات أو فن الواو ومن أقدم ما وصل إلينا في هذا الفن هو مربعات ابن عروس تلك الشخصية التي تحدث عنها الكثير ما بين الحقيقة باعتباره شخصية عاشت بين الناس ورددوا شعره وبين من اعتبره شخصية أسطورية من نسج الخيال الشعبي لمن يريد أن يعبر عن نفسه دون توريطه في محاجة أدبية أو نزاع مع سلطان أو ملك وهي تيمة شعبية قديمة معروفة منذ الأزل سواء عند بيدبا الفيلسوف الذي ألف للملك كليلة ودمنة وأعطاه ما يريد قوله على لسان الحيوانات ومثل مبدأ التقية عند الشيعة المهم أن ابن عروس له العديد من المربعات المتشابهة في البناء والشكل الحكمي مما يدعونا إلى القول أن الرجل شخصية حقيقية لها تأثيرها المهم في شعر العامية المصرية ومن مربعاته :
ولابد من يـوم معلـوم
ترتــد فيـه المظـالم
أبيض على كل مظلـوم
واسـود على كل ظـالم

مسكين من يطبخ الفـاس
ويريد المـرق من حـديده
مسكين من يعاشر النـاس
ويـريـد من لا يـريـده

العبد الفقير لله

My photo
ولإنك لو صبيت البحر في إيدك .. مش هاينوبك إلا مكان ماهتاخد إيدك .. أنا كل ما أشوفك أنا بعطش

عداد للبيع